logo

الموضوع [ 2502]

هيّا نسافر

ملحق استراحة الجمعة - الخليج



كلما مرت علينا لحظات من العمر نُسمّيها إجازة سنوية أو طارئة أو قصيرة، نستنهض كل الهمم في البحث عن وجهة محددة على خريطة العالم نتوجه إليها.

منا من يكون الاختيار لديه مسبقاً وموضوعاً في قائمة الاختيارات الأولى، واختيار آخر يكون بلا هدف، واختيار تتحكم فيه بعض المسلمات التي يضعها الإنسان أساسية في حياته، وتُحزم الحقائب وفق هذا الاختيار.

«هيّا نسافر».. عبارة تختلف من مسافر إلى آخر، فمسافر الاختيار الأول لديه ضوابط وأسس لهذا الاختيار؛ سفر مخطط له وفق كثير من الحرص والاهتمام.

الجانب المالي والجانب المعرفي والجانب الترفيهي، ضوابط تحكم سير الرحلة، وتعنون السفر بعنوان جميل وجاذب.

سفر له فوائد جمة وفيه من المتعة والفرح والمعرفة شيء كثير، كل خطوة فيه محسوبة بحسابات المخطِّط لهذه الإجازة.

أما الاختيار الآخر والذي يكون بلا هدف، فهو مجرد بطاقة طائرة أو باخرة أو حافلة وحقيبة أظنها خاوية، واختيار عشوائي لمجرد الرحيل والسفر. والاختيار الذي يعقبه أعتبره أنا شخصياً، سفر الاستعراض والمفاخرة والتنافسية. 

وللأسف الشديد أصبح هذا السفر هو السائد في مجتمعاتنا، نحزم عدداً كبيراً من الحقائب تحمل في داخلها أنواعاً مختلفة من العلامات المشهورة للملابس والأحذية والإكسسوارات والعطور وأدوات التجميل. وتكون محسوبة على عدد الأيام وكأننا نسافر على موعد مع عروض لما نملك، ونقيّم على ما نلبس وما نأكل وأين نأكل.

هنا يقفز سؤال إلى ذهني: «هيا نسافر».. التي يطلُقها الكثير عن موعد لإجازة سنوية بلا تحديد للموعد. لماذا نسافر؟ وأين هي متعة السفر وجماله؟ ماذا خططنا لهذه الرحلة؟ وماذا سنفعل؟ وأين سنذهب؟ وماذا سنتعلم؟ وماهي المعارف التي لابد أن نمر بها.

هل سنأخذ من هذا السفر أموراً في حقائب عقولنا وأرواحنا؟ هل سنجمع بعضاً من المواقف لتبقى في سجل ذكرياتنا يوماً ما.

هل سنحتفظ بصور في ألبوم حياتنا؟ أم سنسافر من أجل أن نستعرض ملابسنا وأحذيتنا، وحقائب نعلقها على أكتافنا، ومطاعم بأطباقها نستعرضها مع الآخرين ونعود بلا هدف؟

لنراجع أنفسنا مرات ومرات، ونحدد ما نريده في كل إجازة نسافر من خلالها. ماذا تعلمنا؟ 

وكم هي لحظات المتعة والفرح، وكم هي لحظات المعرفة والتعلم؟ وكم جمعتنا اللحظات سوياً نرسم أوقاتنا لتبقى في سجل الذكريات لنا ولعائلتنا ولأصدقائنا.

هل كان للنفس وقت وللقراءة وقت وللرياضة وقت وللمتعة وقت؟ وللتخلص من قيود العمل والالتزامات الدنيوية لأهرب إلى لحظات خاصة مع الله.

عبارة «هيا نسافر».. كم هي جميلة وسلسة ولكنها ثمينة.

هيّا نسافر.. وليكن سفرنا مختلفاً.


المصدر هنا