الموضوع [ 2505]
الصندوق الأسود
النفس البشرية صندوقنا الأسود الذي يحمل عنّا أسرار الحياة الخاصة بنّا، فلنعمل على تهذيبها حتى تبقى صندوقاً أبيض.تسقط طائرة في مكان ما على وجه الأرض فيسارع الأمن للبحث عن الصندوق الأسود من أجل الوصول لمعلومات سريّه موجودة في داخله تكشف لغز سقوط هذه الطائرة.
من هنا اكتسب هذا الصندوق قيمته الكبيرة، ولا أعلم سر إطلاق تميزه باللون الأسود، لربما أن اللون الأسود يحجب الكثير أو كامل التفاصيل عن العين المجرّدة لرؤيتها فيصبح ما وراءه لغزاً لا نعرفه أبداً.
الغاية من المقدمة السابقة أن في داخل كل منّا نحن البشر صندوقاً أسود لا يعرف ما بداخله إلا من خلقنا ونحن فقط. صندوق نجمع فيه كثيراً من تفاصيلنا الصغيرة قبل الكبيرة، وكثيراً من ذكرياتنا وآلامنا وأفراحنا وحكايا لم نحكها أبداً.
ذلك الصندوق يختلف في حجمه من شخص لآخر، فهو مختلف كل الاختلاف عن صندوق الطائرة، والذي لا أعرف جميع مواصفاته أو مميزاته بالأصح..
صندوق البشر شيء خاص جداً، يندرج ضمن الخصوصية المطلقة، نجمع فيه أسرارنا التي لا نتحدث عنها أبداً، وقد يتفاوت أمر حجم هذه الأسرار ونوعها بين البشر وكذلك مدى خصوصيتها،
فلكل منا أسرار نحتفظ بها، ولكن بعض الأحيان ندسّها في صندوق أسود لدى شخص ما، هو الوحيد الذي تختاره بين البشر ليحمل صفة الصديق ونعطيه خاصيه متفردة في أن يجمع بعضاً من أسرارنا في صندوقه الأسود وبنسبة معينة، وهذا من باب الثقة بهذا الصديق.
ونحن بين فترة وفترة نجلس في زاوية خاصة لفتح صندوقنا الأسود لغربلة هذه الأسرار وتمحيصها، ومدى أحقيتها في البقاء داخله أو نثرها بعيداً لتختفي من حياتنا.
صندوقنا الأسود يحتاج منّا بين فترة وأخرى حملة لنعمل على تنقيته حتى لا يثقلنا ما فيه، فهل توافقونني الرأي، أم هناك من يخالفني؟
الصندوق الذي قصدته هو النفس البشرية التي تحتاج إلى تنقية وتهذيب ورعاية من أجل أن تبقى شفافة صافية لا تحمل إلا خيراً ومودة ومحبة وصفاء.
النفس البشرية صندوقنا الأسود الذي يحمل عنّا أسرار الحياة الخاصة بنّا، فلنعمل على تهذيبها حتى تبقى صندوقاً أبيض.
القرب من الله، والتدبر في مخلوقاته، محبة الناس وبصفاء النيّات، والإحساس بالفرح وبمرافقة الإيجابية وجعلها أسلوب حياة، كل هذه الأمور تقودنا لصندوق أبيض متجدد.
المصدر هنا