د . رولا شعبان ابراهيم أول طبيبة بيطرية إماراتية
اختياري لمهنتي وراءه حبي للحيواناتأول طبيبة بيطرية إماراتية . قادها حبها لتربية الحيوانات منذ الصغر إلى العمل في ميدان قد يصعب على الرجال خوضه . رسمت لنفسها خطة من أجل تحقيق طموحاتها . ترى أن الفتاة الإماراتية مؤهلة لدخول المجالات كافة . جابهت التحديات واجتازت الحواجز، ولعل إقبالها على الحياة فتح أمامها أبواب التميز . هي رولا شعبان إبراهيم حسن طبيبة بيطرية وغواصة وفارسة ورسامة، فضلاً عن أنها حازت أوسمة وميداليات في ركوب الدراجات الهوائية .
تفردت الدكتورة رولا كونها الطبيبة الإماراتية الوحيدة في مجال الخيول، ألفت أوجاعها وامتهنت مداواتها . رؤيتها للخيل العربية الأصيلة تتماثل للشفاء بين يديها لتواصل السباق إلى المركز الأول هي قمة متعتها، هي عضو في الكادر البيطري لاتحاد الإمارات للفروسية ونادي دبي لسباقات القدرة والتحمل داخل الدولة وخارجها، وعضو في لجنة التحكيم وفارسة بجدارة في سباقات قفز الحواجز، وسعت بقوة لأن تبدع في هذا المجال وحصلت على النجمة الثالثة من الاتحاد الدولي للفروسية، وتعمل حالياً للحصول على النجمة الرابعة وهي أقصى درجات التميز في مجال سباقات الخيول، كما تطمح لدخول عالم الصقور والإبل .
دفعتها رغبتها في معرفة كل ما هو جديد إلى الغوص في أعماق البحار لتحصل على رخصتين دوليتين في الغوص ولاتزال تطمح لتحقيق المزيد في هذا المجال، التحقت باتحاد الإمارات للدراجات الهوائية وأسست أول فريق للسيدات في الشرق الأوسط، قادت العديد من الفرق التطوعية في برنامج التطوع الاجتماعي تكاتف وبرنامج الاستجابة للطوارئ والأزمات ساند، ونجحت في إنجاز 700 ساعة تطوعية، وكانت مسيرتها واحدة من الخطوات الإيجابية الكثيرة التي خطتها فتيات الإمارات، ليثبتن للجميع أهمية إنجازات المرأة الإماراتية، ودورها الملموس وإسهاماتها القوية في النهوض بالمجتمع الإماراتي .
حدثينا عن مسيرتك الدراسية بدءاً من المرحلة الابتدائية؟
كان التفوق حليفي في مسيرتي الدراسية منذ البداية، نشأت في الفجيرة ودرست في مدارسها منذ الحضانة إلى الثانوية، كنت الأقرب بين الطالبات من مدرساتي، محبوبة لدى الجميع، كان التعليم في الماضي أفضل في نظري مما هو عليه اليوم، حيث كان يقوم على البساطة ومتوافقاً مع مستوى الإدراك للتلاميذ . لم انفصل عن عائلتي إلا عند مغادرتي لإكمال دراستي الجامعية في جمهورية مصر العربية، وتحديداً في القاهرة، حيث حالفني الحظ ودخلت الكلية التي حلمت بها منذ الصغر .
حصلت على البكالوريوس في العلوم الطبية البيطرية والجراحة من جامعة القاهرة عام ،2000 وأذكر هنا من أقوال والدنا المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، العلم وحده لا يكفي فلا بد من التجربة والعمل، وعلى خريجي الجامعات أن يتدرجوا في السلم الوظيفي وفي المناصب ليكسبوا الخبرة كما اكتسبوا العلم إذ إن اكتساب الخبرة يتم من بعضهم بعضاً، ومن الذين سبقوهم في العمل حتى يصبحوا مؤهلين للعمل بكفاءة، كانت هذه المقولة بالنسبة لي خريطة الطريق، ومن هنا أبدأ قصتي أو مبادرتي التي أتشرف بأنني جزء منها، وهي ليست مبادرة بقدر ما هي ماضٍ وحاضر ومستقبل فأنا أول طبيبة بيطرية إماراتية دخلت مجالاً ربما يصعب على الكثيرين مجرد التفكير فيه، ففهم أوجاع الحيوانات ليس بالأمر السهل .
ثم حصلت على درجة الماجستير التنفيذي لإدارة الرعاية الصحية من جامعة زايد، مما يؤهلني لإدارة المستشفيات سواء البيطرية أو البشرية، وبهذا الإنجاز أكون قد وسعت دائرة مهاراتي وخبراتي الوظيفية والعملية .
لماذا اخترت دراسة الطب البيطري، وما قصة دخولك هذا المجال؟
منذ نعومة أظفاري أحب الحيوانات وكنت دائماً أربي القطط، وكانت لدي قطة وأنا في المرحلة الإعدادية أصيبت في حادث وحملتها أنا وأمي إلى الطبيب البيطري لعلاجها ولكن بعد يومين لم تستطع المقاومة، نفقت من دون أن أعرف أو يعرف الطبيب ما علتها، منذ هذه اللحظة بدأت أفكر في دراسة الطب البيطري، وعند إتمامي المرحلة الثانوية اخترت لنفسي أن ادخل مجال الطب البيطري . بالفعل هي مهنة صعبة ولا تتناسب مع طبيعة المرأة ولكنني استطعت أن اجتاز تلك الصعاب والحواجز التي اعترضت طريق نجاحي وروضتها لتكون مهنتي التي أعتز بها .
خبرة جديدة
كيف كانت بداية حياتك العملية وما مراحل تطورها؟
كانت بدايتي في مدينة العين وبالتحديد في العيادة البيطرية في مستشفى القطارة البيطري لمدة عامين منذ 2003 حتى 2005 أعاين وأشخص الحالات المرضية للحيوانات وأجري العمليات الجراحية لها، وأكتب الوصفات الطبية لأصحاب الحيوانات ورعاة الغنم والإبل وغيرها من الحيوانات .
انتقلت في بداية سنة 2005 للعمل في وزارة البيئة والمياه وزارة الزراعة والثروة السمكية سابقاً كأول سيدة تعمل في هذا المجال منذ نشأة الوزارة وكانت لي بصمتي في العديد من الإنجازات في ما يختص بالتشريعات والقوانين خاصة في مجال استيراد الحيوانات والأدوية البيطرية إلى داخل دولة الإمارات، وترخيص الأطباء البيطريين والمنشآت البيطرية، والإشراف على المحاجر البيطرية والعيادات البيطرية وسن قوانين لاستيراد الكلاب والقطط من وإلى الدولة .
خلال العام 2005 وبقرار من صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، تم إنشاء جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية وتقدمت للعمل فيه تحت مسمى طبيب بيطري رئيس، جمعت بين خبرتي العملية والإدارية، وكانت تلك بداية خبرة جديدة وإنجاز جديد أضيفه إلي محصلتي المهنية، وتم تسليمي خلال تلك الفترة مهمة إدارة قسم الإنتاج الحيواني بالإناية، إضافة إلى عملي في المحاجر البيطرية، وأسهمت خلال تلك الفترة في تطوير محجر الغويفات البيطري ومحاجر الخيول في المطار، وكذلك المسالخ والمزارع في إمارة أبوظبي .
عملت على تطوير خبرتي ومهاراتي، فانتقلت في العام 2006 إلى إدارة العمليات الميدانية في التفتيش الميداني لأعمل كمفتشة في وحدة اللحوم، وتتطلب طبيعة عملي متابعة محال بيع اللحوم والسمك والدواجن والمسالخ في إمارة أبوظبي، كما أنني كنت بين جميع المفتشات الوحيدة التي تعمل في ورديات صباحية ومسائية . مثّلت الدولة ضمن الوفود التي تسافر للخارج للكشف على المسالخ واعتمادها لتصدير شحنات اللحوم إلى دولة الإمارات، وكذلك اعتماد الجمعيات الإسلامية التي تصدر شهادات الحلال المصاحبة لتلك الشحنات، ومن ضمن تلك الدول الهند وتشيلي واليابان وفرنسا وألمانيا وأمريكا .
وبجانب عملي في الجهاز أنا عضو في الاتحاد الدولي للفروسية واتحاد الإمارات للفروسية منذ عام ،2003 ما أهلني لأن أكون ضمن الكادر البيطري الذي يشارك في سباقات الخيول داخل دولة الإمارات، كما كان لي شرف تمثيل الإمارات في السباقات الخارجية التي شاركت فيها كعضو في اللجان البيطرية أو رئيسة اللجنة في بعض الأحيان .
عناية ورعاية
هل ترين أن سبل الرعاية والعناية للحيوانات والحياة البرية متوافرة بشكل عام داخل الدولة؟
نعم نحن في دولة الإمارات نولي بيئتنا جل اهتمامنا لأنها جزء من تاريخنا وتراثنا . لقد عاش آباؤنا وأجدادنا على هذه الأرض، وتعايشوا مع بيئتها في البر والبحر، وأدركوا بالفطرة وبالحس المرهف الحاجة إلى المحافظة عليها، وإلى أن يأخذوا منها قدر احتياجهم فقط، ويتركوا فيها ما تجد فيه الأجيال القادمة مصدراً للخير ونبعاً للعطاء .
هناك اهتمام بالغ بالثروة الحيوانية في الدولة، ولكن لايزال هناك نقص واضح في أعداد المستشفيات المتخصصة في علاج الحيوانات خصوصاً الخيول والصقور والإبل، وأنا أسعى بشكل جدي إلى توفير التأمين الصحي للحيوانات تأسياً بالدول المتقدمة، ومن الأمور المؤسفة في هذا المجال ارتفاع كلفة علاج الحيوانات، وعدم قدرة الكثير من أصحاب الحيوانات على مواجهة نفقات العلاج سواء بالكشف المبدئي أو بصرف الأدوية البيطرية .
ومن الجوانب التي يمكن الحديث عنها لدى الإجابة عن هذا السؤال، وجود 300 طبيب بيطري من الجنسيات المختلفة العربية والأجنبية فقط، وهذا العدد غير كاف، إضافة إلى أن النسبة ضئيلة جداً من الأطباء البيطريين المواطنين .
باعتبارك عضوة ضمن وفود ترسلها الدولة لمراقبة واعتماد المسالخ التي تورد اللحوم إلى الإمارات، ما شروط اجازة دخول اللحوم إلى السوق المحلية؟
يجب أن تكون الجمعيات ذات نشاط ملموس في بلد المنشأ، إلى جانب توافر القصابين المسلمين في المسالخ الخارجية، وبعد استيفاء تلك الشروط يتم تشكيل لجنة حكومية برئاسة وزارة البيئة والمياه في الدولة وعضوية ممثلين من الحكومات المحلية لزيارة المسالخ، والتأكد من عدم وجود لحوم الخنزير داخلها والاشراف الكامل للجمعية الإسلامية في بلد المنشأ على عمليات الذبح لتتوافق مع الشريعة الإسلامية وتصدر شهادة الحلال بعد الذبح .
ماذا يعني لك العمل التطوعي؟ وهل تجدين وقتاً لذلك؟
أنا عضو في العديد من الجهات التطوعية كهيئة الهلال الأحمر وبرنامج التطوع الاجتماعي تكاتف وبرنامج الاستجابة للطوارئ ساند، إضافة إلى برنامج كلنا الإمارات، شاركت في تنظيم أكثر من 30 فعالية محلية ودولية، وتمكنت من تحقيق 700 ساعة تطوعية خلال الفترة الماضية، النموذج الأول والسيدة الرائدة في العمل التطوعي هي سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك أم الإمارات رئيسة الاتحاد النسائي العام والرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، فهي القدوة والمثل الأعلى لكل سيدة تعيش على هذه الأرض، فلو نظرنا إلى العمل التطوعي لوجدنا أنه يجسد رمزاً للتضامن والتعاون بين أفراد المجتمع سواء أكان محلياً أم دولياً .
وقد ارتبط العمل التطوعي ارتباطاً وثيقاً بكل معاني الخير والعمل الصالح عند كل المجتمعات البشرية، ولطالما كانت دولة الإمارات حكومة وشعباً سباقة في مجال العطاء الإنساني بأشكاله كافة، تنفيذاً للنهج الذي أرسى قواعده المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، الذي أسس ركائز العمل التطوعي وغرس في شعبه حب العمل التطوعي، كما أن القيادة الرشيدة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله ورعاه، تحرص على العمل التطوعي وتوليه اهتماماً بالغاً، فالعمل الإنساني يسهم في التخفيف من معاناة المتضررين ويضمد جروحهم وآلامهم، ولا أقوى على نسيان مقولة الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في حفل تكريم المتطوعين يا كبر حظنا بكم .
فخر وإعجاب
ما رأيك في دور المرأة الإماراتية؟
لا يسع المتتبعين لأحوال المرأة في دولتنا الحبيبة إلا أن ينظروا إليها بعين الفخر والإعجاب، فقد أظهرت المرأة الإماراتية مقدرتها على البذل والعطاء للوظيفة التي تشغلها على المستويات كافة، وحققت العديد من الانجازات وأسهمت في مسيرة بناء وتنمية المجتمع على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي، وقد أذهلت المرأة الإماراتية على مدى 41 عاماً من مسيرة الاتحاد نظيراتها حول العالم بما حققته على مستوى التعليم العالي في جميع التخصصات، وبشغلها أعلى المناصب في القطاعين الحكومي والخاص من دون الإخلال بواجباتها الأسرية والاجتماعية .
ولم تكن هذه الإنجازات لتتحقق لولا الرؤية السديدة للقيادة الرشيدة ممثلة بصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله ورعاه، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي والمتمثلة في تمكين المرأة الإماراتية وتذليل العقبات التي تواجهها خلال مسيرتها المهنية والأسرية، فضلاً عن تعزيز دورها في مختلف القطاعات، ولا ننسى كذلك الدور الكبير الذي تبذله سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك أم الإمارات لتشجيع الإماراتية في المجالات كافة .
شخصيات مؤثرة
هل لك أن تحدثينا عن أبرز الشخصيات التي التقيتها وتعاملت معها؟
تعاملت مع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في العديد من سباقات الخيول، ولمست اهتمامه وبحثه في أدق التفاصيل التي تضمن له المركز الأول، فهو الذي قال: الفروسية ليست مجرد ركوب للخيل بل هي أصالة وسلوك، والقيادة فراسة وفروسية .
وأعجبت بشخصية حرم صاحب السمو رئيس الدولة سمو الشيخة شمسة بنت سهيل، وتقديرها للنساء المبدعات وهي تعنى بتحفيز واكتشاف الممارسات الإبداعية والابتكارية وإطلاق الطاقات والمواهب لدى المرأة الإماراتية المبدعة، وكان لي الشرف أن أكون ضمن المرشحات للحصول على جائزة الشيخة شمسة بنت سهيل للنساء المبدعات، على الرغم من عدم حصولي على الجائزة إلا أنني تشرفت بمقابلة حرم صاحب السمو رئيس الدولة وتكريمها لي بشهادة شكر وتقدير، اعتبرها وساماً على صدري واعتز بحصولي عليها .
كذلك كان لسمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية وتشجيعه لنا على العطاء والتطوع من أجل رد الجميل لدولتنا الحبيبة، أكبر الأثر في تعزيز مسيرة التنمية المستدامة، وحثنا على تعزيز التعاون بين المؤسسات كافة والأفراد العاملين في مجالات التطوع المختلفة، عبر العمل على إطلاق وتنفيذ مبادرات تطوعية مشتركة على مستوى الدولة .
ومن الشخصيات المؤثرة عبدالعزيز الغرير رئيس المجلس الوطني الاتحادي في دورته السابقة، فهو من الشخصيات التي فعلاً تشرفت بمعرفته من خلال إحدى الفعاليات التي تطوعت لتنظيمها في المجلس .
من مثلك الأعلى؟
قدوتي ومثلي الأعلى هو نبينا وحبيبنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام فهو من علمنا الأخلاق والصبر والمثابرة، حيث تحمّل الكثير من المحن والصعوبات ليوصل رسالته للناس، حتى بلغت مشارق الأرض ومغاربها، وعلى هداه نسير، وبسيرته العطرة نهتدي .
بعد ذلك قدوتي والدنا المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، فهو مثل وأنموذج للحب والعطاء والتسامح . ولا أنسى دور أمي وأبي فلهما أبلغ الأثر في حياتي وتكوين شخصيتي وصقل مهاراتي وتقوية عزيمتي وتعزيز أفكاري ونصحي وإرشادي، وتثبيت خطواتي ودعمي لأصل إلى المقدمة دائماً وأبداً، أطال الله عمريهما .
المصدر: جريدة الخليج بتاريخ : 28/7/2013