الفنانة التشكيلية الإماراتية سلمى المري: ترقص النساء في لوحاتي
لا تلتزم الفنانة التشكيلية الإماراتية سلمى المري بفنها ورسالتها الإنسانية فحسب، وإنما أيضاً بكونها سيدة مجتمع، وابنة وفية، وأم حنون، وجدة متحفزة لاحتواء الجميع بقلب أبيض، وأفكار نيرة.![]() |
حوار: ريما كيروز - تصوير: عماد حمزة
لا تلتزم الفنانة التشكيلية الإماراتية سلمى المري بفنها ورسالتها الإنسانية فحسب، وإنما أيضاً بكونها سيدة مجتمع، وابنة وفية، وأماً حنوناً، وجدة متحفزة لاحتواء الجميع بقلب أبيض، وأفكار نيرة.
رسمت كف أبي الغارق في التراب
تقول المري عن بداياتها «بدأت أرسم وجوه زميلاتي بالمدرسة، كف أبي الغارقة في التراب وهو يضع الفسيلة (النخلة الصغيرة)، طيف والدتي وهي تزرع البيت بخطواتها قبل الفجر، وحطب التنور المتفحم الذي كان يثيرني» وتضيف «كما كنت أرسم أيضاً جدران المدرسة والأسماك الصغيرة والقطط التي تلتف حول جدتي وهي تضع قدرها النحاسي في تنور صنع من الطين. فضلاً عن مشاركاتي في العديد من مسابقات الرسم الدولية للأطفال». |

![]() |
الفن مؤرخ الحضارات الإنسانيةترى المري أن «الفن هو مؤرخ الحضارات الإنسانية ومولود تفاصيل الأمم التي رحلت. هو نتاج فكر إنساني ومخزون ثقافي وحضاري للأوطان، والأثر الممتلئ بالجماليات. نراه في الطبعات والزخارف الموجودة على المنسوجات بأنواعها كافة».
الإنتماء إلى المدرسة التعبيريةأما ما يميز أعمالها، فتقول المري إنه «الدمج بين العمل التصويري والريليف، فاللوحة عندي تمتاز بمستويات مختلفة فيها الغائر والبارز، تشبه الأرض والبيئة التي نشأت فيها، رمل وبحر، وجبل وساحل وصحراء وواحة». أما الألوان التي تستخدمها، تشير إلى أنها «تلك الترابية بتدرجاتها المختلفة، التي تغوص في طبقات الأرض، فتبدو تارة محملة بشيء من الإحساس بالبرونز أو الحديد، وترتدي طوراً حلة قشيبة من لون الزعفران» وتضيف بأن «أعمالها تنتمي إلى المدرسة التعبيرية ولا تخلو من الفانتازيا».
رحيل زوجهاوصفت المري حالات الحزن وفقدان الأحباب بالزلزال، «عندما رحل زوجي الدكتور علي بن شكر، كنت وأنا في مرسمي أشعر به خلفي يدفعني لأعمل ويمدني بالقوة والاندفاع. وكأنه دائم الحضور، يعيش معي حالة تواصل تتجاوز المحسوس، فامتثلت لشعوري باحترام، وأنجزت أعمالاً مخضبة بمشاعر الفقدان والحضور القوي في الوقت نفسه».
|

للمرأة رسالة خلقت من أجلهاالمرأة حاضرة في لوحات المري، وهي تؤكد ذلك بالقول «المرأة متجسدة بكل حالاتها، وحضورها القوي، ومشاعرها الصادقة التي من خلالها تواجه الظروف التي تمر فيها. إن النساء في لوحاتي يجدن الرقص مع الحياة ولحظاتها التراكمية المتغيرة». وعما تريده من النساء تقول المري «يتوجب على المرأة بشكل عام، أن تراعي حق ذاتها، وتكون هي لا سواها، وتؤمن بأن لديها رسالة خلقت من أجلها. من المهم أن تسعى إلى أن تعيش حياتها المقدّرة لها على غرار الأشجار التي تثبت في الجذور بينما تشمخ فروعها للعطاء، فتأخذ من عطائها ثمرات إنجازات الشغف الذي فطرت عليه».
معارض فنية تؤكد على السلام واحترام الأديانالفن بالنسبة للمري مسؤولية عظيمة نحو المجتمع الإنساني، «قد نظمنا معارض جماعية - في «سنيار غاليري» الخاص بي في حي دبي للتصميم- وهي معارض تؤكد على السلام والمساواة والمحبة والتأخي واحترام الثقافات والأديان والأعراق» وتضيف «نحاول كفنانين أن نكمل بَعضُنَا البعض، ونمد أذرعنا بدرجات ألوان الطين كافة، لنشكل حلقة حول الكرة الأرضية ونحميها من الأخطار التي تحدق بها». | ![]() |
![]() |
المري: كنت ألوم والداي.. وأمسك العصا من المنتصف مع أبنائيتقول الفنانة سلمى المري عن اختلاف طريقة التفكير بين الجيل الحالي والسابق، «أحاول أن أستوعب الأمر وأستحضر والدي ووالدتي في ذلك، لاسيما عندما كنت ألومهما في سري على عدم فهمها للاختلافات الكبيرة بيننا. لا أنكر أنني مع أبنائي أمسك العصا من المنتصف، أضع نفسي مكانهم وأعتمد فن الحوار معهم لأقيم نوعاً من التوازن المنطقي في علاقتنا، مع مراعاة عدم كسر الحواجز بيني وبينهم كلياً، على مبدأ أن علاقة الأم بأبنائها تبقى المرجع وصمام الأمان». |
![]() |
اهتمام الإمارات بالفنهذا وتحدثت المري عن اهتمام الإمارات بالفن بالقول «أرى قفزات واسعة نحو أفاق شاسعة. هناك بالفعل أحلام تتحقق على أرض الواقع، تتجسد في تزايد المتاحف التي تتسارع بأنواعها كافة، التاريخية والأثرية والفنية والتراثية، وما متحف اللوفر إلا صرح فني حضاري عظيم يثبت ما أقصده. كما أن الصرح الثقافي الأول في العاصمة أبوظبي «المجمع الثقافي»، الذي يعيد وهجه ليحتضن أعمال فناني الإمارات ويكون واجهة حضارية فنية، ويجعل الدولة تحتفي بغرسها من أبنائها المبدعين.
إصدار ديوان نثر فنيكما كشفت سلمى لـ»زهرة الخليج» عن عزمها على إصدار «كتاب يحتوي العديد من النصوص المفتوحة، سوف يعلن عنه في حينه»، وسط طموحها بترك بصمة مختلفة على مستوى أعمالها الفنية، والاستمرار في عيش وقبول كل لحظة من حياتها بقوة ومحبة.
عائلتي سر قوتي وتفاصيل ضعفيأما أفراد عائلتها فتصفهم المري بأنهم سر قوتها وتفاصيل ضعفها. «إذا مالت بي الأرض وجدتهم يساندونني من كل الجهات، وإذا ما أصابهم شيء من خطوب الحياة ومهاتراتها، وجدت روحي تقف في حلقي. |
حكاياتها مع حفيدتها مايا..بين «ماما زمانها جايه» و «المهاواة»
تقول المري «أن أكون جدة، يعني أن أكون أماً لمرتين، فقد تربيت على مفهوم الجدة المتحفزة دوماً لحماية واحتواء الجميع. تبلغ حفيدتي عاماً واحداً، وهي من ابنتي أثير التي أسمتها مايا تيمناً بمايا أنجلو المفكرة والشاعرة والكاتبة الأميركية». وتضيف «يبدأ نهاري مع مايا صباحاً من غرفة والدتي الراقدة طويلاً في سريرها وقد أخذ منها مرض الزهايمر مأخذاً. وتتجول معي في فناء البيت وننثر معاً الحبوب للطيور، وبعدها نفتح المرسم ونجول بشكل تلقائي في أرجائه، وأحرص بين الفترة والأخرى على أن أجعلها تراني وأنا أهتم بقططي، أو تشاركني بإطعام القطط الشاردة في الشارع، وغالباً ما نستمع معاً إلى أغنية «ماما زمنها جاية»، بالإضافة إلى بعض الأهازيج الإماراتية «المهاواة» التي كانت ترددها الأمهات والجدات على مسمع الصغار وقت النوم. | ![]() |
28/4/2018 زهرة الخليج 28-29-30-31-32