الباحثة في تطور المطبخ الإماراتي عايشة خانصاحب: المطبخ الشعبي نافذتي على الماضي
يعتبر المطبخ الإماراتي واحداً من أبرز المكونات التراثية التي تعكس الهوية الإماراتية، وهو يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالبيئة التي نشأ فيها، ما انعكس تأثير تغير البيئة وتطورها على مكوناته. الباحثة في تطور المطبخ الإماراتي عبر الزمن عائشة خانصاحب، تحدثنا عن البحث الذي أعدته وعن الدراسة التي تناولت فيها دور المرأة في تعزيز دور المطبخ الإماراتي والأكلات الشعبية في صناعة التراث.إعداد: فاطمة الصايغ
تخبر عائشة أنها من أجل إتمام بحثها جمعت معلومات من سيدات إماراتيات تتعدى أعمارهن الستين، عاصرن الحياة وواكبن نشأة الاتحاد، مشيرة إلى أنها كانت تسألهن بالتحديد عن الطبخ والمطبخ الشعبي، وعن كيفية إسهام المرأة في تطور الطبخ خلال تلك الفترة.وتتابع عائشة أنه بعد عامين من المقابلات التي شملت أكثر من 19 سيدة، عرضت نتائج بحثها في أكثر من مؤتمر، أهمّها كان في فرنسا، حيث تناولت في بحثها طبق الهريس وما يخبره عن مجتمع الإمارات. الهريس.. طبق مجتمعيوعن السبب الذي جعلها تتناول طبق الهريس في بحثها تقول عائشة: «ما جعلني أختاره هو أن عملية إعداده كانت معقدة، فلم يكن طبق الهريس يقتصر على إعداده في المطبخ فحسب، بل كان عبارة عن وصفة تعتمد على مجتمع بأكمله». تتابع عائشة «كان طبق الهريس يُعد في الأغلب في البيوت الكبيرة، أي بيوت الأثرياء، فيطحن الخدم حَبّ الهريس ويقوم الجيران بإرسال حب الهريس الخاص بهم إلى هذا البيت، ليطحن ويطهى ومن ثم يرسل مجدداً إليهم. وعادةً ما يتولى أهل هذا المنزل الكبير إعداد الهريس في المناسبات». وتضيف عائشة قائلة: «هذه التجربة جعلتني أدرك أن الحياة في الماضي لم تكن بسيطة، فكان لكل عمل مراسيم وطريقة معينة في الإعداد حتى في أبسط الأشياء كطبق الهريس، وهذا ما أثبتّه في بحثي، الطبخ الشعبي أكبر من أنه إعداد فقط». | ![]() |
![]() |
دور المرأةتحكي عائشة عن أهم ما توصلت إليه من خلال بحثها، وتقول: «مطبخنا الشعبي هو نافذتي للتعرف على الماضي، واستطعت أن أعرف كيف كان يعيش الناس سابقا، وإلى أي طبقة اجتماعية ينتمون، دور المرأة أيضاً كان مهماً جداً، خصوصاً أن الرجال كانوا يغيبون عن منازلهم فترات طويلة عند رحلات الغوص بحثاً عن اللؤلؤ، فكانت المرأة تقضي وقتها في الطبخ كمهمة يومية تتطلب ثلاث وجبات من الألف إلى الياء، إضافة إلى «الفوالة» التي كانت تجمع السيدات بعد الظهيرة وتجمع الكثير من الأطباق، كالخمير والبثيث وغيرهما، فتوصلت إلى أن الطبخ هو جزء كبير من الحياة اليومية في الماضي». وتناولت عائشة في بحثها تأثير سيدات الماضي على الجيل الحالي في مجال الطبخ، كردّ على الفكرة السائدة عن بنات الجيل الحالي المتهمات بعدم حبهن للمطبخ والطبخ وعدم إجادتهن له، إذ بينت عائشة عدم صوابية هذه الفكرة قائلة:« عدد كبير من بنات الجيل الحالي يتقن إعداد الطبخ ويحببنه، كما إنهن يبرعن في إضفاء لمساتهن الخاصة». |
الدين والطبخوتناولت عائشة أيضاً في بحثها جوانب مهمة أيضاً من المطبخ الإماراتي، كعلاقة الدين بالطبخ، وكيف أثرت قيَم الدين الإسلامي في طريقة إعداد الأكلات، وأهمية التمر والرطب في المجتمع والقرآن أيضاً، إضافة إلى دور المرأة الإماراتية في التراث والفعاليات التراثية التي تلعب المرأة الإماراتية دوراً فيها، خصوصاً كبار السن، وقالت: «استفدت من كبار السن من السيدات لأنهن يحكين تجاربهن الشخصية، ولكن لم تكن كافية لأرسم صورة كاملة عن التراث، فتحدثت إلى سيدات نظمن وشاركن في فعاليات تراثية، فاكتملت الصورة في مخيّلتي». | ![]() |

نحو العالمية
وترى عائشة أن المطبخ الإماراتي في هذه الأيام لا يزال في بدايته، وسيكبر ليصل إلى العالمية مع الوقت، فالمطاعم التي تقدم الأكلات الشعبية بدأت بالانتشار، إضافة إلى أن الأفكار الجديدة التي يطرحها إماراتيون تجمع بين المذاقين الإماراتي والعالمي. وضربت عائشة مثلاً بإحدى الفتيات الإماراتيات التي تقدم أكلة جديدة هي «براوني البثيث»، مشيرة إلى أن البراوني يُعتبر نوعاً من أنواع البسكويت، لكن الفتاة المعنية أضافت إليه نكهة إماراتية وهو البثيث. في اعتقاد عائشة أن هذه الأفكار سترتقي بالمطبخ الإماراتي إلى العالمية، بحيث يصبح لديه بصمته الخاصة بين المطابخ العالمية.
لا أتقن الطبخ
وعن تجربتها الشخصية مع الطبخ، تقول عائشة التي تدرس الماجستير في لندن «لا أتقن الطبخ، لكن أحب تناول الكثير من الأكلات، كفوقة اللحم والسمك المشوي مع الأرز. حاولت أن أعد طبق البلاليط وفشلت في المرة الأولى، لكنني حاولت حتى أتقنته، بالعادة في السفر أكثر ما نفتقده هو الأكل الذي تعودنا أن نأكله في بيوتنا مهما كانت الأكلة بسيطة».

26/5/2018 زهرة الخليج 32 - 33- 34