الموضوع [ 5443]

الدكتورة ريم المتولي تُوثّق تطور الثوب الإماراتي، القماش يروي تراثاً ويُؤرخ هُوية

مرت أزياء المرأة الإماراتية بمراحل عدة من التغيير والتطوّر متأثرة باكتشاف الثروة النفطية وضغوط التمدن والعولمة. وعلى الرغم من احتضانها للحداثة، فإنها بقيت محافظة على الهوية الإماراتية وتراثها وأصالتها من خلال الإبقاء على الشيلة والثوب والكندورة والسروال والبرقع، وإن كانت بتصاميم أكثر حداثة وعصرية.





حوار: كارمن العسيلي

تصوير: عيسى الكندي

 

في كتابها «سلطاني، تقاليد متجددة، بحث في أزياء نساء الإمارات» توثق الدكتورة ريم طارق المتولي مراحل تطور الثياب التقليدية للمرأة الإماراتية من مرحلة ما قبل اكتشاف النفط إلى ما بعد قيام دولة الإمارات العربية المتحدة، ليس بالمعلومات فحسب، وإنما أيضاً بالصور، ليصبح الكتاب مرجعاً مهماً في المشهدين الفلكلوري والثقافي الإماراتيين.

أربع صور تخلد أربعة أثواب تراثية من أصل مجموعة «سلطاني المتحفية» الخاصة، والتي تحتوي على أكثر من 170 قطعة جمعتها المتولي خلال الـ 40 سنة الماضية، تختصر تطور الثياب التقليدية للإماراتية، وتضيء على أبرز خصائصها.





تطور الثياب التقليدية الإماراتية

 

1974


الزي النسائي التقليدي في هذه الصورة هو أقرب ما يكون إلى أزياء مرحلة ما قبل الثروة النفطية، حيث يمكن أن نقسمه إلى خمس قطع:

 

  • الشيلة: تغطي الشعر وتصنع من خامة سوداء اللون ورقيقة مثل القطن الشفاف/ الشاش أو قماش التور (التول). في السابق كانت عبارة عن قطعتي قماش تتم خياطتها لتشكلاً قطعة واحدة كبيرة الحجم تؤدي دور العباءة فتغطي أغلب جسم المرأة عند خروجها من المنزل. أما الشيلة التي تستخدم في المنزل أو عند الصلاة، فتعرف باسم «الوقاية» وتكون مصنوعة من القطن الملون.

 

  •  البرقع: هو غطاء للوجه يختلف شكله أو «قرضته» حسب عمر وذوق السيدة، وفي كثير من الأوقات قد يعبر عن شخصية المرأة التي تضعه.

 

  •  «الثوب»: هو القطعة التي تلبس فوق «الكندورة»، وعادة ما يكون مصنوعاً من خامة رقيقة جداً مثل الشيفون أو القطن الشفاف أو التور (التول) بحيث يمكن رؤية ما تحته من لباس. يتميز «الثوب» أيضاً بفتحة الصدر مربعة الشكل والمزينة بـ«التلي». يشار إلى أن «الثوب» ما بعد الثروة النفطية يتميز بكثرة عدد خيوط «التلي» التي تزين فتحة صدره وأطراف أكمامه.

 

  •  السروال: تزين أسفله «البادلة» التي تصنع من خيوط الفضة الخالصة أو من الخيوط فضية أو ذهبية اللون. ويعرف عن عادة البدو، لكونهم رُحلاً، أنهم كانوا يحملون ثرواتهم على أجسامهم. والمرأة الذكية كانت تجمّل ملابسها مستخدمة خيوط الفضة، حتى في حال أصبحت في عوز حرقت الملابس واستفادت من بيع الفضة إلى التجار. ومع تطور الحياة والثروة النفطية، استبدلت خيوط الفضة بـ«التلي».

 

  • «الكندورة»: هي القطعة التي يتم ارتداؤها فوق «البادلة» السروال، وأصلها القميص. تصنع من خامة أقل شفافيةً أو سُمكاً نوعاً ما مقارنة مع الثوب والشيلة. قبل الثروة النفطية كان طول الكندورة غالباً أقصر من «البادلة»، وبعد هذه المرحلة زاد الطول ليغطي كامل الرجلين، حتى اختفت «البادلة» عن العين. تتميز الكندورة الإماراتية عن بقية الكنادير في منطقة الخليج، باحتوائها على فتحة إلى يسار الصدر مزودة بأزرار من القطن تسمى «عقم»، وذلك لتسهيل دخول الرأس فيها. الكندورة في الصورة مصنوعة من قماش مقلم يعرف بقماش «السلطاني» ويعني قماش الحرير المصقول واللامع والمزين بخطوط طولية لونها يختلف عن لون أرضيته.



1999

 

هذا الزي مثال آخر على تطور الأزياء التقليدية التراثية في دولة الإمارات، إذ يظهر اتحاد الثوب والكندورة عند فتحة العنق ليشكلا معاً قطعة واحدة، تكون فيها الكندورة بمثابة بطانة للثوب.

نقدم هنا «الثوب الرياسي» أي (الرئاسي) لتميزه بزينة الذهب عند فتحة صدره وأطراف أكمامه. وهذه الزينة تكون مصنوعة من الذهب الخالص وتعرف باسم «النجوم» (على شكل النجم) أو «المشاخص» (على شكل المسكوكات المدورة)، وعادة ما يستخدم الشكلين المذكورين آنفاً لتزيين الثوب والبرقع معاً. قبل الثروة النفطية كانت زينة الذهب في «الثوب الرياسي» تقتصر على خط واحد أو خطين، ومع ازدياد الإمكانية المادية أصبح الذهب يغطي مساحة أكبر من الثوب. في الصورة تظهر العارضة مرتدية عقداً يعرف باسم «المرتعشة»، وأقراط أذن تسمى «الكواشي». يمكن ملاحظة أيضاً ارتدائها خاتماً في إصبع رجلها الكبير يعرف باسم «الفتاخ»، أما السوار في كاحلها فيسمى «الحجل». وهذه الزينة المصنوعة من الذهب الثمين كانت حكراً على علية القوم من الشيخات وزوجات كبار التجار فقط.

 


 

1980

 

يُعبّر هذا المثال عن استمرارية الشكل العام للزي التقليدي مع بعض التطورات الزمنية. فإذا أجرينا مقارنة بين هذا الزيّ والذي سبقه، لوجدنا أن قماش قطعة الثوب المصنوع من الحرير الغربي الفخم، أصبح متناسقاً مع قماش قطعة الكندورة، ففي السابق كان ألوان ونقشات أقمشة الثوب والكندورة والسروال المتضاربة سائدة أكثر. بعد فترة الثمانينات، أولت النساء اهتماماً أكبر لتنسيق ألوان ونقشات الأقمشة في أزيائهن. وفي هذه المرحلة أيضاً، دخلت الخيوط المعدنية الملونة من اليابان، وباتت تستخدم في «التلي» كما نلاحظ ازدياد حجم مساحات «التلي» الملون على «حلج» أي صدر الثوب وأطراف الأكمام في الكندورة.

 

 


2011

 

ثوب إماراتي تراثي بلمسة عصرية، إذ يمكن ملاحظة اختفاء التقسيمات القديمة «الميزعة» وفتحة الصدر مربعة الشكل، ما يمنحه إطلالة عصرية حداثية. أما صورة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (طيب الله ثراه)، التي رسمتها الشيخة اليازية بنت نهيان بن مبارك آل نهيان على قطعة من الحرير، أضفت على الثوب لمسة حديثة ومبتكرة، لكنها حافظت في الوقت ذاته على روحية التراث الإماراتي وهوية المرأة الإماراتية. أما الشيلة هنا فتعرف بالشيلة «المنغدة أو المنقدة» أي أنها مُزينة بخيوط الفضة الخالصة.


12/5/2018 زهرة الخليج 28-29-30-31_32-33