«حِرفيات الإمارات» يحرسن كنوز التراث تحتويهنّ مظلة الهلال الأحمر الإماراتي
الموروث الشعبي وأهميته في حياة الشعوب .![]() | ![]() |
من السدو والتلي والخوص، تنسج الحرفيات الإماراتيات في مؤسسة الغدير قيَم الاحتواء، والإبداعوالتمكين، إذ يعملن على تعزيز الفنون التقليدية والحفاظ عليها، من خلال إعادةإنتاجها في ثوب عصري جديد، مع تحقيق منافع اقتصادية غيّرت حياة بعضهن بالكامل.
تحقيق: إشراقة النور
تصوير: محمود العايدي
تمثل «مؤسسة الغديرللحرف الإماراتية» مكاناً مثالياً لازدهار حياة الحرفيات والتراث الإماراتي، إذ تُكرّس لتمكين النساء ذوات الدخل المحدود، من خلال الحرف اليدوية التقليدية بطريقةمستدامة، وقد تم إنشاؤها في عام 2006، بمبادرة من هيئة الهلال الأحمر الإماراتية،أطلقتها سمو الشيخة شمسة بنت حمدان آل نهيان، مساعد سمو رئيس هيئة الهلال الأحمر الإماراتية للشؤون النسائية لدعم النساء ذوات الدخل المحدود في الإمارات. في هذاالتحقيق نلقي الضوء على هذه التجربة المتميّزة مع بعض العاملين عليها والمشاركين فيها.
عن عطاء «الغدير للحرف الإماراتية» توضح مديرة المؤسسة (مريم الكندي) بالقول: «نوفر تدريباًمجانياً للنساء ذوات الدخل المحدود (المنتسبات للمؤسسة) على السدو والخوص والتليوالخياطة والغزل والفخّار والحنّاء وغيرها من حرفيات الغدير، ولاحقاً نتولى التسويق والترويج للمنتجات عبر منافذ بيعها من خلال متجر إلكتروني ومقر الغدير والجهات الحكومية والشركات الخاصة والمحال التجارية والأماكن السياحية».
تؤكد الكندي: «العائدمن البيع يُسهم في تحسين مستوى معيشة الحرفيات بشكل مباشر. أيضاً نقدم التدريب علىالحرف، لعامّة المجتمع ليتبنّاها الجيل وتمكين نساء مجتمعنا بتوفير ما يحتجنه مندعم لصنع منتجات بطابع محلي لنَيْل حياة كريمة».
يعود كل هذا الدعم،حسب الكندي، إلى المنتسبات فيشعرن بالثقة بمهاراتهن المكتسبة، ونَيْل الاستقلال للتحرر من ظروفهن المجتمعية الصعبة. والأكثر أهمية أننا نقدم لهن السند المالي الذي يمكّنهن من إعالة أنفسهن وأسرهن، لدعم طموحاتهن وأطفالهن الصحية والدراسية. تشير الكندي إلى أنه «خلال السنوات العشر الماضية، قمنا بالعمل مع مئات الحرفيات في الإمارات، وشهدنا أن متوسط دخل الحرفية يتضاعف، حيث إن البعض انطلق بمشاريعهالخاصة».
تختتم الكندي بالقول:«في بداية المشوار، كان فريق العمل يتكون من ثلاث حرفيّات في مكتب في هيئة الهلال الأحمر الإماراتية، يُنتجن عدداً محدوداً من المنتجات بطابع إماراتي ذي جودة عاليةمطلوبة في الأسواق المحلية والعالمية، اليوم نحن أشمل جهة لتمكين المرأة من خلال الحرف في الإمارات. تتكون أسرتنا من أكثر من 200 حرفية من أنحاء الإمارات، ما بينمواطنة ومُقيمة».

![]() | ![]() |
ثوب عصري
حول طريقة إعادة إنتاج التراث في ثوب جديد. تُبيّن مصممة الجرافيك ميرا الظاهري: «شغفي منذ سنوات طويلة، هو تقديم التراث الإماراتي بطريقة عصرية، فعملت على ابتكار تصاميم لبعضالمنتجات التراثية تتماشى مع احتياجات الأجيال الجديدة، نحافظ بها على الحرفالإماراتية والتراث المحلي». وتضيف: «المؤسسة تستقطب ذوات الدخل المحدود وتعلمهن مهارات جديدة، وتوفر المواد الخام والتصاميم لهن، مستفيدة من خبرتهن في صنعالمنتجات التقليدية، فنقدمها للسوقين المحلية والعالمية في حلّة جديدة».
أما زميلتها فاطمةالمنصوري، فتوضح بالقول: «من خلال ابتكاراتنا نعمل على إعادة إنتاج تراثنا، بصورةتوائم متطلبات السوق العصرية ونواكب الموضة، من خلال وضع لمسات عصرية على المنتجات».وتتابع: «المؤسسة تعمل على توفير التدريب والتصميم والمواد الخام وخدمات التسويق للنساء، لتصنيع منتجات بطابع محلي، بهدف عونهنّ على كسب حياة كريمة والحفاظ علىالحرف التراثية».
تغيّرت حياتنا
أما كيف أسهمتالمؤسسة في دعم النساء، فتحكي الحرفية أم علي عن شعورها بما تقوم به: «نَفْخَربنقل تراث الإمارات وخبراتنا إلى أجيالنا القادمة والمشاركة في حفظه من الاندثار،وتطوير المنتجات التراثية لكي تحافظ على قيمتها ومكانتها كتراث عالمي». وتستطردقائلة: «من جهة أخرى، نعمل على زيادة دخلنا المادي، وهذا الأمر حسّن ظروف نساءكثيرات أنا من ضمنهن». «تغيرت حياتي منذ أن جئت إلى مؤسسة الغدير»، هكذا بدأتالحرفية أم ناصر حديثها لنا، إذ انضمّت إلى المؤسسة قبل أكثر من 10 أعوام، مضيفة:«أصبح لدينا دخل ثابت، وصرت أكثر ثقة في بنفسي ومهاراتي، وحسب تجربتي، فإن هذاالمكان هو مُتنفّس مثالي للنساء الراغبات في التعبير عن أنفسهن وعن عشقهن للأعمال اليدوية، بتحويلها إلى قطع فنية، إضافة إلى دعم عائلتهن مادياً».

جودة عالية
تشير مسؤولة التسويقفاطمة النعيمي، إلى ما تقوم به المؤسسة من جُهد في الحفاظ على التراث، بالقول: «نذهب إلى مواقع مختلفة في الدولة لزيادة وعي المجتمع بأهمية تمكين المرأة، من خلال الحرف والحفاظ على الحرف الإماراتية بشكلها التقليدي، كما نوفر منتجات مصنوعةيدوياً في الإمارات، بطابع محلّي يُناسب سكان الإمارات وضيوفها». وتؤكد: «منتجاتنا ذات جودة عالية بتصاميم متميّزة ومتنوعة، وندعو الجهات الخاصة والعامة للشراء منهالدعم هؤلاء الحرفيات، إذ نقوم بتوفير أكثر من 90 منتجاً، منها هدايا وتوزيعاتالشركات والقرطاسية وزينة المنزل والأزياء. اهتمامنا يشمل عناصر ازدهار حياةالحرفية من الجانب المادي والاجتماعي والصحي والتعليمي وأكثر».